كلمة تقي البحارنة في حفل تكريم لرواد العمل النقابي بقاعة جمعية المهندسين
و بعد – من دواعي سروري إقامة هذا الحفل لتكريم رواد العمل النقابي و الفئات الأخرى التي يشملها التكريم.
و من واقع كوني الأمين العام لاتحاد العمل البحراني في منتصف الخمسينات سوف ابدأ بنبذة تاريخية موجزة عن هذا الأتحاد ، إن تكوين نقابة للعمال تمثلهم و تعنى بشؤونهم ممن عاش و ترعرع في أفكار دعاة الأصلاح من أبناء هذا الوطن لا سيما خلال الثلاثينات و الأربعينات من القرن الماضي كحلم يصحو ثم ينام في كل تحرك عمالي في تلك الفترة إلى أن تم تحقيق هذا الحلم على أيدي زعماء الهيئة التنفيذية العليا التي أصبحت بعد الاعتراف بها رسمياً كحزب سياسي تحت مسمى ( هيئة الأتحاد الوطني ).
و ذلك من خلال قيام اتحاد العمل البحراني للعمال و الموظفين و أصحاب المهن الحرة حيث تم للإتحاد تحت قيادة المواطنين الشرفاء الذين بذلو جهودهم و أوقاتهم في سبيل رعاية مصالح العمال و العمل النقابي و مباشرة أعماله و نشاطاته خلال الأعوام 1954 حتى 15 فبراير 1958. و قد حقق هذا الأتحاد لعمال البحرين مكاسب معنوية و عمالية و جماعية على حد سواء. فالمكاسب المعنوية تمثلت في شعور الفئة العاملة بإن ورائهم جهة تسندهم و تدافع عنهم و تحميهم من تعسٌف الشركات و ذوي المصالح و شعورهم بأن تجمعٌهم و تعاضدهم و تكافلهم مع بعضهم البعض يؤدي إلى حمايتهم و توفير فرصاً أكثر لتحقيق مصالحهم المشتركة. أما المكاسب العمالية فقد تحققت بعد قيام اتحاد العمل البحراني في شكل زيادة الأجور ، و حل الخلافات العمالية، و توفير بعض القروض لذوي الحاجة لهم و إيصال أصواتهم و شكاواهم إلى الجهات المسئولة و متابعتها للوصول إلى حلول ملائمة.
و إذا جئنا إلى المكاسب الجماعية فقد تم تحقيقها عن طريق لجنة وضع قانون العمل و العمال و التفاوض مع الأمر القانوي حول نصوص مواد القانون و تعديلاته … و رغم أن قانون العمل و العمال تم إصداره عام 1957 بعد استبعاد هيئة الأتحاد الوطني و تغييب اتحاد العمل البحراني ، و رغم التعديلات التي أجريت على النسخة الأصلية التي تم رفعها إلى الحكومة ، فإن هذا القانون عند صدوره كان على علاته متقدماً بالنسبة لدول الجوار بل بالنسبة لدول عربية كثيرة … و أود أن أشير أيضاً إلى إنشاء صندوق التعويضات التعاوني الخاص بسائقي المركبات و الذي نشأ أيضاً في ظل الهيئة التنفيذية العليا حيث استطاع تحقيق مصالح سائقي المركبات.
لقد كتبت لتوثيق تلك الفترة موضوعاً تناول أحوالها و ذكرياتها عن واقع معاصرتي لها وذالك في كتابي (أحاديث وسير).. و بعد رحيل المرحوم محمد قاسم الشيراوي و جميع من شارك في عضوية إتحاد العمل البحراني أخشى أن تكون هذه الذكريات هي الشهادة الباقية عن أحوال و ملابسات تلك الفترة التاريخية المضيئة في سماء النضال العمالي المشٌرف.
واليوم تغمرني الفرحة و أنا أتحدث بإسم رواد العمل العمالي و النقابي مقدماً الشكر الجزيل على إقامة حفل التكريم هذا و قبل أن أنهي كلمتي أود أ، أتقدم للأخوة الكرام من قادة العمل النقابي في البحرين بملاحظتين: الأولى تتعلق بضرورة إيلاء أهمية قصوتي لرفع كفاءة و قدرات العامل عن طريق التدريب و التأهيل للأنتقال إلى مستوى أعلى في الوظيفة حتى لا يكتب على العامل أن يظل عاملاً في نفس المستوى طيلة حياته . الأمر الذي يتطلب بث الوعي لدى العامل نفسه ، كما يتطلب من نقابة العمال التركيز على مبدأ (رفع مستوى العامل و ذلك بالتنسيق مع أصحاب العمل و المؤسسات الرسمية و شبه الرسمية المعنية بالموضوع).
أما الملاحظة الثانية: فهي تطوير نظم الإدارة في نقابات العمال و استحداث برامج لبث التوعية بين العمال و التغلغل في نسيج أحوالهم المعيشية و الأجتماعية و الإلتصاق بمعاناتهم لكي يصبح ولائهم للنقابة التي تمثلهم حصناً لهم من التشرذم الطائفي و الأصطفاف الغوغائي و إعلاء شعار: ( الوطن للجميع) .. و بذلك تتحول النقابات إلى قوة فاعله و مساندة المؤسسات و جمعيات المجتمع المدني الأخرى في سبيل تحقيق مجتمع أفضل للبحرين.
أكرر شكري للجمعية و لمن اختارني للتكلم بإسم المكرمين جميعاً و للأخوة و الأخوات المشاركين في هذا الحفل. و الله الموفق. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عدد المكرمين : 35
مساء الجمعة ’ الساعة 8 ’ مايو 2010 نادي جمعية المهندسين
تقي محمد البحارنة