حديث عن الأستاذ علي التاجر

يعـّد علي التاجر في مقدمة الشخصيات الثقافية و الفكرية و الأدبية من جيل الريادة في البحرين. و قد كان وطنياً غيوراً يحب البحرين و يسعى لرقيها و تقدمها ، و كان من دعاة التجديد و التطوير في المجتمع وفي الأفكار.

أوضحت إسهامات علي التاجر في مقالتين للنشر من الملف الخاص به ، الأولى: علي التاجر و نادي العروبة ، و الثانية: علي التاجر و كتاباته و مقالاته و مؤلفاته وذالك في كتابي ( أحاديث وسير). و بالاختصار فهو قد ساهم في توجيه الشباب ، و في التعليم ، و نادى بالاصلاح في المجتمع ،من فوق منابر نادي العروبة كما كتب في النقد الأدبي  و في الدراسات التي نشرها في صوت البحرين و خلال عمله في دار الوثائق و المخطوطات في( أبو ظبي.) بدولة الأمارات العربية.

عاصر علي التاجر من الشخصيات الأدبية و الفكرية و السياسية  في البحرين كلاً من عبد الله الزابد ، و عبد الرحمن المعاودة ، و الأستاذ إبراهيم العريض ، و السيد رضي الموسوي ، و الأستاذ حسن الجشي ـ و السيد عبد الرحمن الباكر ـ و عبد العزيز الشحلان ـ و أحمد العمران ، و علي سيار ، و محمود المردي ، و إبراهيم حسن كمال ، و محمد ديويفر و غيرهم من الشخصيات التي كتبت أدب البحرين و ثقافته منذ الثلاثينات من القرن العشرين.

كان علي التاجر من الشخصيات السخية في التبرعات لأعمال الخير و للمساهمات الإنسانية و الوطنية من قدراته المادية المحدودة ، و قد كان طيلة حياته يعاني من ضيق ذات اليد و تمنعه عزة نفسه من طلب العون حتى من أقرب الناس إليه.

عائلة التاجر من العائلات البحرينية المعروفة بالأدب و العلم و الخلق و خدمة المجتمع. فالمرحوم سلمان التاجر كان أديباً مرموقاً منذ أوائل القرن العشرين ، و المرحوم محمد علي التاجر والد علي التاجر كان أديباً و عالماً و صاحب أكبر مكتبة للتراث في المنامة اجتذبت إليها رجال الفكر و الدين و الأدب و الشعر و هو مؤلف كتاب (سمط اللآل في تاريخ أوال) و الحاج محسن التاجر كان مصلحاً إجتماعياً ذي حنكة و رأي و من أعضاء الهيئة التنفيذية العليا ، و كتن رئيساً للأوقاف .. و مبادراً لجمع التبرعات للمساعدات الإنسانية. و محمد رحمة التاجر عضو فاعل نشط في الهلال الأحمر و لجنة المساعدات الإنسانية التابعة لمجلس الوزراء. و يضاف إلى تلك القائمة السيد مهدي التاجر المقيم في دبي بالإمارات العربية ، و له أيادٍ كبيرة في المشاريع الخيرية ، و المؤسسات الثقافية في البحرين و خارجها.

واجب المؤسسات الصحفية و الأهلية في مجال حفظ تراث علي التاجر و أمثاله من رجالات البحرين كثيرة و متعددة. و من أهلها نشر أعمالهم في كتاب ، و الاحتفاء بمناسبات ذكراهم ، و تشجيع الباحثين على اتخاذهم مواضيع للبحث لنيل الشهادات العلمية ، و الدعوة لإيراد أسمائهم و أعمالهم في البرامج التعليمية و دراسة النصوص ، و الدعوة لتكريمهم و تخليد أسمائهم على الشوارع و المعاهد و المدارس .. إلى غير ذلك.

المرحوم علي التاجر كان من الأشخاص المتواضعين: لا يسعى إلى مركز ، و لا يزاحم على منصب ، و يعزف حتى عن ذكر إسمه على المقالات التي يكتبها ” راجع كلماته المنشورة بامضاء مستعر في كل من جربدة البحرين لعبد الله الزائد وفي مجلة( صوت البحرين )  و ربما كان امتناعه عن الكتابة عن نفسه و سيرته بسبب ذلك التواضع. و في نظري أن علي التاجر جريء و شجاع و ميال للكتابة في مقابل الإثارة و التحدي من قبل طرف آخر. كما جرى بالنسبة لكتاباته في جريدة البحرين ، وتحليل نقدي لبعض قصائد الأستاذ أبراهيم العريض ، و قد يجيء التحـّدي تجاه فكرة خاطئة مثل مقالاته حول دار الهلال ، و حول مقالة أن العرب شـّذاد آفاق ” راجع صوت البحرين” أو حول الصهوينة أو حول اتهام الخليج بالقرصنة ، أو حول اتهام البحار العماني ابن ماجد بالخيانة ، إلى غير ذلك من محفـّزات الرد و التحدي في كتاباته المعروفة ،ذلك هو الأستاذ علي التاجر غادرنا في صمت مع الصامتين .و هذا باختصار مجرد تذكير بقامة من قامات الفكر في البحرين سكنت في الظلال.

ملاحظة: المزيد عن الأستاذ علي التاجر في كتابي ” أحاديث و سير” .

صحيفة الوسط – 3 يونيو 2006

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى